عادات وتقاليد

  • عادات وتقاليد إجتماعية اندثرت بسبب الفهم المغلوط للتطور والتقدم


  • يستعرضها: عبد الحافظ حمود الحكيمي

  • هناك الكثير من العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المجتمع حتى قيام الثورة ولكنها لم تعود موجودة في هذا الزمان لأننا بعد قيام الثورة تنكرنا لكل موروثات العهد السابق وأعتبرنا كل ما كان سائدا قبل الثورة سواء كان حميدا أو خبيثا من بقايا العهد الملكي ويدل على التخلف والرجعية ولا بد من إجتثاثه إذا رغبنا في مواكبة العصر واللحاق بركب الحضارة والتقدم ومنها عادات وتقاليد الزواج التي أندثرت وأستبدلت بعادات لا تمت لواقعنا بصلة والمؤسف أن الجيل الحالي لا يعرف عن عادات وتقاليد ذلك الزمان أي شيء ويعتقد أن ما هو سائد في الوقت الحاضر يعبر عن التقاليد الاجتماعية الأصيلة النابعة من الموروثات الثقافية للأباء والأجداد.
  • إن الهدف من إهتمامنا بالعادات والتقاليد التي كانت سائدة في بعض مناطق الحجرية هو ربط الأجيال الحالية بماضيها وتعريفهم بالجوانب الإيجابية والجوانب السلبية فيما كان يمارس من عادات وتقاليد وأن الجيل الذي سبقهم هو الذي تنكر لتلك العادات والتقاليد وعمل على تقليد الآخرين بممارسة عاداتهم وتقاليدهم التي تعكس الثقافة الشعبية لمناطق معينة يحاول البعض تعميمها على أساس أنها هي الثقافة السائدة في جميع المناطق بهدف طمس هويتهم وإقناعهم أن مناطقهم لا تمتلك أي موروث ثقافي وليس هناك عادات وتقاليد تعكس هوية مختلفة وتعبر عن البيئة التي عاش فيها أبائهم وأجداهم.    

  • لقد كانت هناك عادات وطقوس متبعة في الزواج يعرفها كبار السن ويتحسرون على إندثارها وعدم توثيقها ومثلما هناك جوانب سلبية فيها هناك جوانب إيجابية وكان على جيل الثورة المحافظة على الجوانب الإيجابية وتطويرها والتخلص من الجوانب السلبية أما الجوانب الإيجابية في تلك العادات والتقاليد فهي سيطرة الوعي الجماعي على سلوك وممارسات أبناء العشيرة حيث يتكاتفون لمواجهة الظروف الطارئة سواء في الأفراح أو الأحزان على سبيل المثال كان أهل وأقارب وأصدقاء العريس أو والده يأتون لزيارة العريس من اليوم الثاني للعرس لتهنئته بهذه المناسبة السعيدة وكل زائر أو ظيف كما كان يسمى يحضر معه رأس من الضأن أو الماعز على الأقل إلى جانب الهدايا وكمية من الحبوب والسمن والعسل وكل مخزن – مولعي – قات يحضر معه كمية كبيرة منه وهناك من يحضرون إثنين وثلاثة وأربعة رؤوس غنم بحسب قدرة الشخص ومكانته والهدف هو مشاركة العريس في الخسائر المرتبطة بالعرس يعني أن أسرة العريس لا تتكلف شيء في إستقبال الضيوف بالعكس كانت الأسرة تحصل على بعض الفوائد فالضيوف كانوا يأتون جماعيا يعني كل يوم أربعة أو خمسة  وتقوم أسرة العريس يذبح عدد من رؤوس الغنم لا يساوي ربع ما جلب الضيوف وتوفر بالتالي عدد من الحيوانات يوميا وعندما ينتهي شهر العسل يكون العريس قد جمع عدد من الحيوانات أغنام و/أو ماعز يمكنه بيعها والإستفادة من قيمتها أو يقوم بتربيتها أو تسمينها وبيعها في العيد التالي ، بالإضافة للكباش والماعز كان الأقرباء مثل العم والخال والجد يقدمون للعريس مبالغ نقدية تعينه على مصاريف العرس.

  • مما لا شك فيه أن هناك جوانب سلبية في تلك العادات والتقاليد على سبيل المثال ما كان يسمى بالغسل الذي يعمل للعريس والعروسة كل على حده ، ففي يوم الزفاف وبعد وصول العروسة إلى قرية العريس مباشرة يحضرون العريس إلى الديوان الذي يتجمع فيه المشاركين في العرس أو إلى ساحة بجانب المنزل ويجلسوه على شيء مرتفع وسط الغرفة أو الساحة مثل كرسي أو صندوق خشبي أو حتى تنكة وبجانبة تفرش قطعة من القماش مشدة مثلا أو مقطب أو غيره ويبدأ الأخدام بقرع الطبول والدفوف ويرددون الأغاني الخاصة بالرقص أي الشرح فيبدأ الرجال من المتيمين بالرقص الخاص بالمنطقة بالتمايل لأداء الرقصات الجميلة ويشتد التنافس في الأداء المتميز وأثناء الرقص أو الشرح يتم رفد العريس من قبل الحاضرين والرفد يعني أن يقوم كل واحد منهم بوضع مبلغ من المال في يده اليمنى ويمر بها فوق رأس العريس ثم يرميها على قطعة القماش المفروشه على الأرض بجانبه وبدافع القمر والتنافس كل واحد يحاول أن يرفد العريس بمبلغ أكبر من الآخرين ، هذا بالنسبة للعريس ونفس الشيء يجري مع العروسة لكن داخل غرفة من غرف المنزل ويتولى عزف الموسيقى الراقصة للنساء المتواجدات بجوار العروسة عدد من الأخدمات وتقوم النسوة برفد العروسة بالمبالغ النقدية كل واحدة حسب قدرتها أو كل واحدة وشيمتها كما كان يقول الأخدام ، كل المبلغ الذي يتم التبرع به كرفد للعريس والعروسة يصبح في النهاية من نصيب الأخدام كل هذه المبالغ يجمعها الأخدام ولا يستفيد العريس أو العروسة منها بشيء بالرغم من أن هذه المبالغ في بعض الأعراس الخاصة بالميسورين والشخصيات الكبيرة ورجال الأعمال كانت تصل إلى مئاة الريالات يحملها الخادم على كتفه ويذهب والعروسين يتحسران يعني أن القبقبة للولي والفائدة للقيوم كما يقولون فهذه المبالغ تدفع أصلا بإسم رفد للعريس أو العروسة لكن المستفيد منها هم الأخدام وبدلا من أن تدفع هذه المبالغ إلى يد العريس والعروسة كمساعدة من المشاركين في العرس ترمى على قطعة القماش المفروشة على الأرض ليجمعها الخادم أو الخادمة.        

  • كانت العادة السائدة أنذاك أن الشخص الذي يرغب في تزويج إبنه – كان الأب طبعا هو الذي يختار لإبنه شريكة جياته – وليس في باله أسرة محددة منمر عليها يبلغ الأم أن تبدأ بالبحث عن زوجة مناسبة لإبنها وعليها أن تستعين ببعض النسوه لتحديد الأسر التي لديهن بنات يصلحن كمرشحات محتملات لمزيد من البحث والتقصي وأن يكون لديهن معلومات كاملة عن كل بنت يعتقدن أنها مناسبة مثل العمر والجمال والطول والقامة ونشاطها في البيت وفي الأرض وسمعتها لدى الجيران وكل شيء وبعد فترة تصل إليه الردود مع البيانات المطلوبة ثم يقوم الأب بإستعراض أسماء الأسر واحدة تلو أخرى وبالطبع يكون لدى الوالد معلومات أولية عن عدد من أباء وأمهات المرشحات فيبدأ بالفرز هاه...... هذه أبوها صاحب مشاكل ويمكن أن تطلع البنت مثله وهذه أبوها لسانه طويل ومشاغب مع جيرانه وهذه أبوها قاطع صلاه والذي ما يكنش للخالق كيف با يكون للمخلوق وهذه أمها مطلقة والله يعلم أيش السبب وراء طلاقها وهذه أمها قنافه وكسولة والبنت بالتأكيد طالعه لها وعلى قولة المثل إقطف الشجيره وشمها والبنت تطلع لأمها وهذه أمها هي الآمرة الناهية في البيت والأب لا يقول من كلامها لا والبنت سوف تتحكم بإبننا وتضيعه منا وهكذا حتى يصل إلى ضالته بالعثور على بنت تفي بالشروط وإن لم يجد يطلب ترشيحات أخرى ولو من خارج العزلة.

  • عندما يستقر الرأي على واحدة أو أكثر من المرشحات تطلب الأم من إحدى العجائز من ذوات الخبرة والمعرفة بتقييم سلوك البنات بزيارة والدة البنت تحت أي مبرر وتقوم الحجوز أولا بجس النبض هل البنت مخطوبة أو هناك أحد متكلم عليها ولماذا لم يزوجوها وتتقصى هل الأسرة قنوعة أم طماعة أو لها شروط ومطالب بعيدة المنال وخلال الزيارة تقوم العجوز بتحديد مواصفات البنت جميلة أم قبيحة ، طويلة أم قصيرة ، سمينه أم نحيفة وهل هي خالية من العيوب الخلقية مثلا عوراء أو صنجاء أو تتأتأ بالكلام وغيره وتقيم طريقة لبسها وعنايتها بمظهرها وتحكم على صفاتها مثل الأدب والإحترام وإهتمامها بعملها المنزلي ونشاطها خارج البيت وسرعة تنفيذ طلبات والدتها وهل هي ثرثارة أم كتومة وغيرها من الصفات وفي آخر النهار إذا وجدت العجوز أن البنت تفي بالشروط والمواصفات التي تريدها أسرة الشاب تبلغ أم البنت أن بيت فلان يبحثون عن زوجة لأبنهم فلان وأن بنتهم فلانة – إذا كان عندهم أكثر من بنت في سن الزواج – أعجبتها فما هو رأي الأم إذا فتح أبو الولد الموضوع مع والد البنت وطلبها لإبنه وفي حالة أن الأم لا تعرف الولد وليس لديها معلومات كافية عنه مثلا عمره ومواصفاته وصفاته وأيش يشتغل وأين يسكن أو با يسكن بعد الزواج وطباع أمه وإلى آخره من المعلومات الأساسية تناقش هذه المواضيع كلها مع العجوز التي تقوم بتوضيحها بكل أمانة.

  • إذا دخل كلام العجوز عن الولد وأمه مزاج أم البنت وأقتنعت به أو إذا كانت لديها معلومات كاملة عنهم تبلغ العجوز أنها موافقة لكن الشور – الرأي – شور أبوها يجسوا نبضه وهو با يعطيهم الرد الشافي ، تعود العجوز وتبلغ أم الولد بكل ما دار مع أم البنت ورأيها بخصوص البنت والنتيجة التي توصلت إليها مع الأم والتي بدورها تنقل المعلومات حرفيا للوالد وهنا يبدأ دور الوالد فيقوم بجس نبض والد البنت من خلال لقاءه في السوق أو في أي مكان وإبلاغه بشكل إنفرادي أنهم علموا أن عنده بنت في سن الزواج ويرغبون بتزويجها لإبنهم فلان أما إذا كان الأب من النوع الخجول أو لديه إحساس بالدونية تجاه والد البنت ولا يستطيع مفاتحتة بمثل هذا الموضوع فيطلب من شخص آخر قريب أو صديق لوالدها أن يتولى هذه المهمة نيابة عنه فإذا وجد قبولا لديه تبدأ الترتيبات المعتادة فيقوم الوالد بالتشاور أولا مع إبنه إذا كان متواجدا أو عندما يعود للقرية فيبلغه أنه ناوي يزوجه وقد سأل وبحث وأستقصى ولم يجد أفضل من بنت فلان الفلاني ويعطيه فكرة كاملة عنها وعن أسرتها وكيف حصل على تلك المعلومات ومن هي المرأة التي زارتهم وشافتها بعينها فإذا أكتفى الولد بهذه المعلومات تتواصل الإجراءات أما إذا كان لديه شك بمعلومات العجوز فيطلب من والده مهلة للتفكير في الموضوع ويختار أمرأة أخرى يثق فيها مثلا أحدى قريباته أو عجوز يصدق كلامها ويطلب منها زيارة أسرة البنت وتزويده بالمعلومات التي يريدها وعندما يصله الرد وتكون المعلومات مطابقة لما يريده من زوجة المستقبل يبلغ والده بموافقته ، يجري كل هذا والبنت في أغلب الحالات ليس لديها علم لأن كل شيء يتم بتكتم شديد حفاظا على سمعة البنت.

  • بعد موافقة الولد يبلغ الأب والد البنت أنهم قادمون لزيارته في اليوم الفلاني ويتفقوا على تاريخ ويوم معين وتبدأ الترتيبات الجدية حيث يختار والد العريس شخصية من الشخصيات المؤثرة في المنطقة أو تحظى بإحترام كبير لدى والد البنت كوسيط بينه وبين والد البنت ويبلغه بموعد الخطوبة المتفق عليه ثم يقوم يتجهيز إثنين أو ثلاثة كباش بحسب مكانة أبو الولد وأبو البنت وبعض الهدايا ويشتري كمية كافية من القات ويطلب من بعض أهله وأصدقائه مرافقته وفي صباح اليوم المحدد يقوم الأب بإرسال الكباش والهدايا وقبل الظهر يتوجه هو وإبنه إن كان موجودا أو حتى بدون الولد يرافقه الوسيط ومن دعاهم من أهله وأصدقائه إلى بيت والد البنت وأثناء المقيل يفتح الوسيط الموضوع ويخبر والد البنت أن فلان يرغب بخطبة إبنته فلانه لإبنه وقد حضروا بناء على موافقته المبدئية لمعرفة ما هي الشروط والمطالب التي لديه ليوفرها والد العريس ويتم الزواج بإذن الله ويبدأ والد البنت بسرد الطلبات فإذا كان إنسان قنوع ويسعى إلى ستر إبنته ويريد سعادتها أكثر من الأشياء المادية يكون رده مؤدبا ومختصرا فيقول لهم أنا ليس عندي مطالب خاصة وأنتم كلكم من البلاد وتعرفوا ماذا يطلب الناس هذه الأيام وأنا أشتي مثل أصغر واحد فيهم ويرمي الكرة لملعب الخطاب الذين يبدءون بالتهامس فيما بينهم وكل واحد يقول أتكلم أنت يا فلان أتكلم أنت يا فلتان فيتدخل الوسيط ويبدأ بمدح الموقف النبيل للأب ثم يقترح المبلغ الذي يدفع كمقدم والمبلغ المؤخر والملابس والأشياء الأخرى التي على العريس توفيرها والتكاليف التي يتحملها كل منهما يوم الزفاف مثل الذبائح والقات وحق الأخدام والأخدمات ومبلغ الرضوة الذي عليه دفعها لأم العروسة وخالها أو عمها أو جدها مثلا 200 ريال مقدم و100 ريال مؤخر وأربع بدلات وجزمة و3 مقارم و5 أمصار و5 قوارير عطر ومرية وإثنين حجول ولازم وإثنين خواتم وربع فراسله هرد وفراسلة تمباك وتنك جاز وخمسه كباش وقدحين ذرة وقدح دخن وأيضا مقرمة وقارورة عطر و 5 ريال للأم ومشدة رشوان وقارورة عطر لخالها و 50 ريال قات وحق الأخدام 10 ريال بينهما نصفين كل واحد يدفع أثناء الزفة في بيته فإذا أقنتع والد البنت بهذا المقترح قال وأنا والله ما أرد لك كلمه يا فلان وقرءو الفاتحة وبعدها يتفقون على مواعيد دفع المبالغ وتوفير المتطلبات وموعد الزفاف حتى يتمكن الأب من توفير تلك المطالب.

  • إذا كان والد البنت من الطماعين ممن يعتبرون البنت عبارة عن سلعة يجب الحصول على أعلى سعر لها فإنه يطرح شروط ومطالب بعيدة عن الواقع مثلا يطلب 500 ريال مقدم و200 مؤخر وحلي فضية بالشيء الفلاني و5 كباش وعدة أنواع من الملابس و 50 ريال لأمها و30 ريال لخالها وغيرها وتبدأ عملية المساومة من قبل الوسيط والمراجعة من قبل الحاضرين حتى يصلوا للشيء المعقول ويقبل به والد العريس ، بعد أن تقوم أسرة العريس بدفع المبالغ وتوفير المتطلبات المتفق عليها حسب الجدول الزمني المتفق عليه ويتم الإيفاء بهذه الأشياء غالبا خلال فترة طويلة تصل إلى أكثر من عام حتى يدبروا أمورهم وما يصل الموعد المتفق عليه للزفاف وهو في معظم الحالات عيد الأضحى إلا وكل أسرة مجهزة نفسها وقامت بكل الترتيبات ، في صباح يوم الزفاف يحضر الأخدام ومعهم الطبول والطيسان ويبدؤون بالتسخين أمام بيت العريس حتى يتجمع العفايا الذين سيذهبون لإحضار العروسة أما العقد فيتم قبل العرس أو يقوم العريس بتوكيل شخص من أقاربه يقبل له العقد لأن العريس عادة لا يذهب مع العفايا لبيت العروسة بل يبقى في بيته بكامل زينته وتحيط به مجامر البخور وأكاليل الشقر المختلفة لطرد الشياطين وتحيط به أمه وبعض قريباته ، يتحرك موكب العفايا بحسب توقيت محدد بحيث يتمكنوا من الوصول لقرية والد العروسة قبل صلاة الظهر وطبعا يكون العفايا مسلحين بالسيوف والجرد والجنابي والبنادق ويحملون معهم عشرات الدرازين من الطماش والجميع يتراقص على أنغام الطبول رافعين السيوف والجرد والجنابي وفرقعة الطماش ترافقهم على طول الطريق والبعض يستخدم الرصاص وعندما يقتربون من بيت والد العروسة يستقبلهم أهلها بالطماش والرصاص وعلى باب بيت والد العروسة يشتد رقص العفايا وتصم الآذان فرقعات الطماش والرصاص المتواصل من قبل الجانين ثم يتوقف كل شيء ويدخل العفايا إلى المكان المخصص لهم وتقدم لهم الغداء والشاهي بعدها يجري توزيع القات للموالعة فقط ، تبدأ الزفة في بيت العروسة من قبل الإخدمات من الليلة السابقة ليوم العرس وتكون الأم قد حنأة العروسة ولبستها أغلى ما عندها من الثياب والحلي وأحاطت خدودها بالمشاقر وطلت وجنتيها بالواقدي وبعد وصول العفايا وأثناء تناولهم طعام الغداء تدخل عليها إحدى النسوة وهي آمنة وبيدها مقرمة غالية الثمن حرير مثلا وتقف خلف العروسة ثم ترمي المقرمة على رأسها ووجهها قائلة هبتك العروس – أي باغتك العريس – فلان إبن فلان وفي هذه اللحظة يرمي أهلها عشرات الدرازين من الطماش ومن يحمل بندق يطلق عدة طلقات وتبقى تلك المقرمة تغطي رأس ووجه العروسة حنى تصل إلى بيت العريس.  

  • على بعد مسافة من المنزل تستقبلهم بعض العجائز وهن يحملن المباخر التي تنفح برائحة البخور والعود وتبدأ الخادمة بترديد كلمات الزفة المعتادة وتقرع الدف الذي يصدر الأنغام الخاصة بهذه المناسبة حتى يصلا إلى باب البيت نقوم النسوة بنثر كمية من الملح لطرد الشياطين وعلى العروسين أن يدوسا على الملح بأقدامهما قبل الدخول للبيت ترافقهما الزفة حتى باب الغرفة المخصصة لإستراحتهما ثم يجلس العريس وتجلس العروسة على يمينه وحولهما تجلس أم العريس وبقية النسوة من الأهل والأقارب الساكنين في القرية وتقدم لهما أكواب الشاهي لكن العروسة تشرب الشاهي من تحت الخمار – المردو – الذي يغطي وجهها لأنها لا ترفع ذلك الغطاء إلا بعد أن يدفع العريس حق المردو وهو مبلغ ريال أو ريالين بعدها تكشف العروسة عن وجهها وتتطلع في النسوة المتواجدات في الغرفة لأنها ربما لا تعرف أغلبهن وبخجل ترمق عريسها المتكي – المحتبي جنبها - إلى يسارها بنظرة فاحصة ويحاول هو إختلاس النظرات لمعرفة أدق التفاصيل في شخصية عروسته فهذه أول مرة يشوفها ويتعرف على العروسة التي يفترض أن تشاركة الحياة طوال العمر.

  • الرجال المشاركين في الموكب من بيت العروسة إلى بيت العريس يجلسوا في الديوان حيث تقدم لهم القهوة والشاهي أما العرسان فيواصلون السهرة حتى يحين موعد المقابضة وتعني أن يقبض العريس عروسته حيث يقوم أحد أقرباء العريس قبل دخولهما لغرفة نومهما بمسك يده اليمنى وتمسك أحدى العجائز بيد العروسة اليمنى ويطرحوا أيديهما فوق بعض وكأنما يتصافحان لكن المشكلة ليس في الأيدي وإنما في الأرجل فعلى كل منهما أن يلمس برجله اليمنى رجل الطرف الآخر وكان الإعتقاد السائد حينها أن الذي يضع رجله فوق رجل الآخر أولا يصبح هو المتحكم بكل أمور الحياة الأسرية في المستقبل وطبعا لا يرضى أي رجل بأن تتحكم فيه زوجته ، كانت العادة تقتضي أن يتم إشعال عدة درازين طماش أو ضرب أعيرة نارية عند مقابضة العرسان.
  • من التقاليد التي كانت متبعة في الأعراس في تلك الأيام الجلاسة حيث تقتضي العادة أن ترسل أم العروسة في صباح اليوم التالي للعرس هدية معتبرة للعرسان تسمى جلاسة فتقوم الأم بتجهيز تورة مليئة بالكعك المعجون باللبن والسمن أو اللحوح المدهون بالسمن البلدي وعدد من البيض المسلوق وتكلف أحد نساء القرية من الموثوق بهن بالذهاب في الصباح الباكر إلى بيت العريس حاملة الجلاسة على رأسها (في يوم الصباحية) المعنى العام للجلاسة أن الأم ترغب في أن تجلس أي تستقر إبنتها في بيت عريسها لكن الواقع هو أنها رسالة أو رسول لتقصي الأخبار حول نتائج ليلة الزفاف وهل وصلت العروسة لبيت الزوج سليمة أم معيوبة وقد كان لدى أبناء الأسر الأصيلة أساليب إخلاقية تحافظ على سمعة البنت وتصون كرامة أسرتها فإذا أكتشف العريس مثلا أن العروسة لم تحافظ على شرفها فإنه لايشهر بها ولا يلطخ سمعتها بل يخبرها بالحقيقة المرة ويستر ما ستر الله كما كانوا يقولون ثم يقوم العريس أو والدته بعمل ثقب في قاع التورة التي أحضرت بها المرأة الجلاسة وهذا يعني أن البنت لم تكن بكرا وبهذه الطريقة تعرف الأم النتيجة المؤلمة من خلال تفحص التورة عند عودة المجلسة وتفهم أن بنتهم قد خانت الأمانة وأنها لن تعمر في بيت الزوج وهو أسلوب راقي يراعي مشاعر البنت ويحفظ للأسرة ماء وجهها ويبقى الموضوع سرا بين أسرتي العريس والعروسة وتبقى في بيت الزوج لفترة دون أن يعاشرها وبعد إنتهاء مظاهر الفرح المعتادة تعود البنت إلى بيت أهلها بحجة أنها تخاصمت مع زوجها أو مع أمه وقد يحاول البعض إصلاح ذات البين لكن الزوج يصر على عدم إعادتها إلى منزله فيتم التفاهم بين الأسرتين على إعادة الجزء الأكبر من المبلغ المدفوع لهم والحلي وغيرها من الأشياء الثمينة مقابل طلاقها ولا من شاف ولا من دري ومن يسال يقال له أنها تخاصمت مع الزوج أو لم تتكيف مع أسرته وكل شيء قسمة ونصيب.                                    

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المهاجل والاغاني الشعبية في منطقة الاحكوم

ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ اليمنية عام 1962ﻡ